[b]الأسرة والمعوق
تلقي أوضاع الأطفال المعوقين أعباء ضخمة على كاهل الأسرة والمدرسة والمجتمع وذلك انطلاقاً من حق المعوق في أن يتمتع بإنسانيته، فالنقص الذي يعاني منه الإنسان المعوق ويحول بينه وبين مجاراة أفراد المجتمع في الواجبات، لايجب أن يعوقه عن تمتعه بإنسانيته.
وفي هذا الإطار فإن مسؤولية خاصة تقع على عاتق الأسرة في تربية الطفل المعوق... أن أول مايسترعي الانتباه في هذا الخصوص هو رد الفعل التلقائي والشعور بالصدمة عندما تشعر الأسرة بأن لديها طفلاً معوقاً فالوالد يشعر كأن هذا الطفل إنما جاء نكبة له وعقوبة من الله له على خطأ ما ارتكبه، ويلوم نفسه على ماحدث منه، ويدعو الله أن يتوب عليه ويبرئ الطفل من علته، ويظل يلتمس له الأطباء لعلاجه أملا في أن يصبح سوياً فإذا انقضى الوقت وأيقن انه لاامل له في أدراك ذلك استسلم لليأس وقد يتمنى للطفل الموت، أو يحاول أن يتناسى فجيعته فيه، ويترك مصيره للأقدار.
أن موقف الأهل هذا ضار به وبالأسرة وبالطفل فهو يسيء إلى نفسه ويعذبها دون داع، وينعكس سلوكه على الأسرة فتشعر كأن هذا الطفل كائن غريب عليها جاء لينغص عليها حياتها، ويسيء إلى سمعتها وبذلك تعامل الطفل دون ان تشعر كأنه نقمة حلت بها، ويشعر الطفل المسكين بهذا الشعور المر، وخصوصاً أنه شديد الحساسية، فتنطوي نفسه على المرارة والحقد والكراهية. وواجب الأب أن يعتبر وجود طفل معوق في الأسرة ليس امراً نادراً ولا غريبا، وانه ظاهرة طبيعية مثل ظهور الطفل الموهوب او الأسمر أو الأشقر وعليه ان يبادر بعرضه على الطبيب المختص، وان يعرف مدى إمكانات علاجه، وان يعمل الأب على ان يسود الأسرة شعور بالمساواة بين الطفل وإخوته وعدم النظر إليه بإشفاق وسخرية منه، ، بل يحرص الأب على ان يتعاون الجميع في تربية الطفل دون تفرقة بينهم،حيث يقوم كل منهم بواجبه نحوه، كما لو كان طبيعياً مع مراعاة حالته ولكن دون مبالغة
فيصبحه الأب مثلاً مع إخوته في نزهاته وزياراته وحفلات المسرح مع مساعدته على ان يتابع مايدور أمامه ويستمتع به دون لفت أنظار الآخرين أو إثارة فضولهم... ويجب ألا تعتبر الأم أنها المسؤولة أمام الزوج والأولاد عن ولادة طفل معوق، وبطبيعة الحال ليس لها يد في ذلك، ، وأن تواجه الأمر مع أفراد الأسرة جميعاً بواجب الأمومة الذي يقتضيها، دون جزع وخوف من المستقبل فتتضامن مع جميع أفراد الأسرة على ان يتلقى الطفل المعوق منهم معاملة تلقائية طبيعية دون إفراط في الإشفاق وتفريط فيه. وألا يتسم سلوك الإخوة الكبار بالاشمئزاز والصغار بالقسوة... والواجب ان يكون الطفل المعوق مسؤولية جميع أفراد الأسرة حيث يقوم كل منهم نحوه بمثل مايقوم به نحو أي فرد آخر مع مراعاة ظروفه الخاصة ووجوب مساعدته في الاعتماد على نفسه، وبذلك ينشأ الطفل. كما لو كان طبيعياً، ولا يكلف أحدا عبئاًَ فوق طاقته.
...........................................................نزار محمد شجاع