جبـل العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


نلتقي لنرتقي ،، !!
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفرق بين الأيمان والعقيدة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




الفرق بين الأيمان والعقيدة  Empty
مُساهمةموضوع: الفرق بين الأيمان والعقيدة    الفرق بين الأيمان والعقيدة  Icon_minitimeالخميس نوفمبر 18, 2010 8:21 pm

اتخاذ الدين والاعتقاد في إله فطرة وضرورة إنسانية:
فطر الله تعالى عباده على الإيمان به ، وأخذ عليهم الميثاق فبذلك وهم في ظهر أبيهم آدم ، ثم أرسل الرسل بعد ذلك مبشرين ومنذرين ليذكروهم بهذا الميثاق الأول ، وليردوهم إلى ما فطروا عليه من الإيمان بالله والإقرار بربوبيته . قال تعـالى مشيراً إلى فَطر عباده على الإيمان : ( وإذ أخـذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربـكم قالوا بلى شهدنا...) ( الأعراف/ 172 ) .

فيخبرسبحانه أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم ، شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم ، وأنه لا إله إلا هو ، كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه . قال تعالى : ( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليـها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) الروم/30 وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بالفطرة في هذه الآية هو الإسلام .

وفي الحديث القدسي يقول تعالى : [ كل مال نحلته عبادي حلال ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا ] رواه مسلم .

فدعوى استغناء الإنسان عن الدين والعقيدة دعوى باطلة ، يكذبها الواقع ويبطلها تاريخ البشرية الطويل إذ واقع البشرية شاهد على أن الإنسان حيثما كان ، وفي أي ظرف وجد ، على اختـلاف أحواله ، وتباين ظروفه لا يخلو من عقيدة أبداً ، سواءً كانت تلك العقيـدة حقاً أو باطلاً ، صحيحة أو فاسدة ، حتى أولئك الذين يدَّعون أن العلم اليوم قد أغنى عن العقيدة وعن التدين ، وأن الإنسان في عصر الذرة ، وغزو الفضاء لم يعد بحاجة إلى الإيمـان بالله تعـالى لأنه عرف الطبيعة وكشف عن أسرار الكـون ، عادوا أخيراً ونادى عقلاؤهم مطالبين بالرجوع إلى الديـن ، لما رأوا ما أصـاب البشرية من خراب ودمار ، وانتشار للجريمة ، وفساد للأخلاق ، عادوا فقالوا : لا غنى عن الدين ، وطالبوا علماء النفس والاجتماع بأن يضعوا لهم ديناً ولكن بدون الإيمان بالله لأن الله يأمر بالعـدل والإحسان ، وينهى عن الظلم والفحشـاء والمنكر ،وهم لا يريدون أن يتخلوا عن الظلم ولا عن الفواحش والمنكرات ، فهم يريدون ديناً صناعياً يهذب نفس الإنسان ، ويكمل أخلاقه ، ولكن بدون ذكر الله ولا ذكر أوامـره ونواهيه ، وهيهات هيهات أن ينفع دين صناعي في تقويم الأخلاق وتهذيب النفوس .

إذن فلا بد للإنسـان من دين يدين به ، وعقيـدة يعتقدها ، ولا بد أن يكون ديناً حقاً مستقيماً ، وعقيدة صحيحة، تهديه إلى أسرار نفسه والكون من حوله ، ديناً يوازن بين روحه وجسده ، دنياه وأخراه ، متطلباته ومتطلبات الآخرين من حوله ، ولن يجد ذلك إلا في الدين الحق الذي شرعه خالق البشر والكون كله .

أما وجه حاجة الإنسان الماسة إلى الدين والعقيدة وضرورتها له : فلأن الإنسان عنده غرائز طبيعية واستعدادات نفسية ، وميول فطرية خلقهـا الله تعـالى فيه ولا بد لهذه الغرائز والاستعدادات والميول من قوانين تنظمها وتهذبها، حتى لا يسير الإنسان وراء غرائزه وشهواته دون ضابط ، فيصبح أحط من الحيوانات البهيمية ، فلقد خلق الله الإنسان من روح وجسد ، فلا بد من قوانين وضوابط يسير وفقها الإنسان كي يلبي لكل من عنصريه مطالبه ، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر ، وليس هناك من يضع قوانين وضوابط لمسيرة الإنسان وحركته أفضل من خالقه الذي خلقه وأبدعه ، وهو العليم الخبير بما يصلحه ، وما يفسده ، فيأمره بالأول وينهاه عن الثاني ، وبدون الدين والعقيـدة الصحيحة ، وما يأمران به من تشريعـات لتنظيم حياة الإنسان ، أو بدون دين صحيح واعتقاد سليم ؛ يؤدي كلا الأمرين إلى تخبط وفقدان التوازن في حركة سير الإنسان في هذه الحياة ، فيجنح بعض البشر إلى تغليب جانب الجسد والمـادة فيتحول من بشريته إلى أحط دركات الحيوانية البهيمية ، ويجلب الخراب والدمـار على نفسه أولاً والمجتمع من حوله ، ويجنـح البعض الآخر بسبب مفاهيم دينية خاطئة إلى تغليب جانب الروح فيفسد بذلك دنيـاه ويكبت غرائزه الفطرية ، ولو ساد هذا المنهج لأصبحت الدنيا خراباً ، ولما وضع فيها أحد حجرًا على حجر ولأن هذا المنهج يخالف فطـرة الله التي فطر الناس عليها - من الموازنة بين مطالب الروح والجسد - فكثيراً ما ينتهي حال هؤلاء - بعد الكبت الشديد - إلى التفلت الأشـد ؛ فيصـير أشد بهيمية من الصنف الأول وتنطبق عليهم الحكمة المأثورة " إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده " .

وثمة وجه آخر لحاجة الإنسان إلى الدين والاعتقاد في رب وإله يعبده ويلجأ إليه : وذلك أن الإنسان مهما أوتي من قوة بدنية ، وذكاء عقلي ، وقدرة على تسخير الكون من حوله - أو بعض الموجودات التي وهبه الله القدرة على تسخيرها للاستفادة منها - مع كل هذا فإن الإنسان يشعر بضعفه أمام بعض مظاهر هـذا الكون الفسيح ، ولا بـد له أن يجد بعض الأخطار والمخاوف التي لا يقدر على دفعها بنفسه ، وقد تكون هذه الأخطار من أشياء أقل منه حجماً كبعض الحشرات والزواحف كالعقارب أو الحيات مثلاً ، أو مساوية له كبعض البشر الأقوى منه من الجبابرة والظلمة ، أو أمور كونية ، لا يقدر على دفعها والاحتراز منها كالسيول والزلازل والبراكين والأمراض الوبائية .

أمام هذه الأمور التي يفزع الإنسان منها ولا قدرة له على دفعها مهما أوتي من قوة وإمكانات ، لا بد له أن يلجأ إلى قوة تحميه منها ومن أخطارها ، وقد اتخذ الناس لهـذه النوائب والنوازل آلهة عدة ، كما هو معلوم في تاريخ البشر ، فمنهم من عبـد الشمس ومنهم من عبد القمر والنجوم ، ومنهم من اتخذ آلهة من الحجارة كالأصنام التي اتخذها العرب في الجاهلية ، ومنهم من اتخذ بعض البشر آلهة كالمنجمين والمشعوذين والكهـان ، فيذهب الناس إليهم ليخبروهم بالشرور التي قد تقع عليهم مستقبلاً ليحترزوا منها ، أو يحكوا لهم شراً وقع بهم كيف يتخلصون منه مع علم الناس بأن هؤلاء السحـرة وأمثالهم من شرار خلق الله ، وأن فيهم ما فيهم من الظلم والفجور ، إلا أنها الفطرة البشرية التي تدفع الإنسان إلى اللجوء إلى قوة مـا لتحميه من الكوارث والنوازل التي لا طاقة له بمواجهتها ، فأيهما أفضل عند العقلاء ، أن يتخذ الإنسان من الحجر أو الشجر أو البشر - وكلها مخلوقات تسير بأمر الخالق العظيم لهذا الكـون - آلهة وهي لا تملك لنفسها - فضلاً عن غيرها - ضراً ولا نفعاً ، بل بعض هذه الآلهة المعبودة أحط قدراً ومنزلة من العابد لها - أم يتخذ الإنسان الله خـالق هذا الكون ومصرّف أمـوره ، القـادر على جلب النفع ودفع الضر ، الذي له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وصدق الله إذ يقول عـن هؤلاء الذين ألغوا عقولهم وخالفوا فطرهم : ( واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعـاً ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشورًا ) ( الفرقان/3 ) .

فلا غنى للإنسان عن الإيمان بربه ، وعن عبادته بحال من الأحوال ، ولذلك لم تخل أمة وجدت على وجه الأرض من عقيدة ودين . يقول تعالى : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) ( فاطر/26 ) ، ويقول : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ( النحل/36 ) ، وفي هذا المعنى يقول الأستاذ محمد بركة تحت عنوان " الدين ضرورة إنسانية " :

لازم هو الدين لحياة الإنسان ، ولا يستطيع أن يعيش بدونه . فهو فطرة من الفطر التي فطـر الله الناس عليها ، وهو ضرورة كضرورة الضوء للعينيين والهواء للرئتين والروح للجسد . وفي الطبع الإنساني جوع إلى الاعتقاد كجوع المعدة إلى الطعام ، وقد رافق الدين البشرية منذ يومها الأول . وقد اتفق علماء المقابلة بين الأديان على تأصيل العقيدة الدينية في طبائع بني الإنسان منذ أقدم أزمنة التاريخ

والدين هو النظرة الشمولية للحياة والطبيعة والعـالم ، ولا غنى عنه للإنسـان سواء كان هذا الإنسان يعيش في صحراء أفريقيا أم يعيش في قلب أمريكا ، إن كل دين هو منهج للحياة بما أنه تصور اعتقادي ، أو بتعبير أدق بما أنه يشمل التصور الاعتقادي وما ينبثق منه من نظـام اجتماعي ومن منهج يحكم كل نشاط الإنسان في هذه الحياة الدنيا . والدين هو الذي ينظم العلاقة بين الخالق والمخلوق وينظم العلاقة بين الأرض والسماء ، وهو قيمة خلقية ؛ فالإنسان ذو غرائز طبيعية واستعدادات نفسية وميول فطرية ؛ وهذه الغرائز والاستعدادات والميول هي التي توجه الإنسـان وترسم له خط سيره فإذا تركت وشأنهـا نزعت به إلى شر منـزع فهناك من الناس من تغلِب عليه الشهوة البهيمية فيكون في ممارسته لها أحط من البهائم . ومنهم من تغلِب عليه الشهوة الغضبية فيكون في ظلمه وبغيه وانتقامه أضرى من الوحوش المفترسة . ومنهم من تغلب عليه الشهوة الشيطانية فيكون مثل إبليس في المكر والكيد والخبث والنفـاق والرياء والكـذب .. ووحده الدين بعقائده وشرائعه وآدابه هو الذي يطـهر النفوس من هذه النقائص البهيمية والغضبية والشيطـانية، وهو الذي يهذب الغرائز ويعليها ويوجهها إلى الخير والبر ، وهو الذي يكبح جماح الشهوة البيهيمية فتكف عن التدني والتسفل والشره ، ويمنع الشهوة الغضبية من الاسترسال في الظلـم والبغي والعدوان ، ويوجهها إلى الشجاعة في الحق ومواجهة البـاطل بالعنف ومناصرة الضعيف وإغـاثة الملهوف . إن الدين هو الموجد للضمير والضمير هو الشعور النفسي الذي يقف من المرء موقف الرقيب يحثه على أداء الواجب وينهاه عن التقصير فيه ويحاسبه بعد أداء العمل مستريحاً للإحسان ومستنكراً للإساءة .

آثار التدين والاعتقاد الصحيح في حياة الإنسان

أولاً : اهتداء الإنسان إلى معرفة نفسه

فيعلم أنه إنسان خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، وأنه مكرم من قِبَل الله تعالى ، ومفضل على كثير ممن خلق الله تفضيلاً ، قال الله تعالى : ( الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون ) ( السجدة/8،9 ) .

وقال تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) (البقرة/34) ، وقال تعالى : ( قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ) ( ص/75 ) .
وقال تعالى : ( ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثيرٍ ممن خلقنا تفضيلاً ) ( الإسراء/70 ) .

فأيهما أفضل عند الإنسان أن تكون هذه صفته وهذا خلقه كما يعتقد المتدينون المؤمنون ، أم يكون كما هو الحال عند الكفار والملاحدة ، أصله قرد ثم ارتقى إلى أن أصبح إنساناً كما نراه الآن .

ثانياً : اهتداء الإنسان إلى معرفة ربه وما يجب عليه نحوه .

فالإنسان بفطرته كما سبـق يعلم أن له خالقاً ورباً وإلهاً وللكون كله من حوله ، ولكن عقله وحده لا يوصله إلى كيفية عبادته وتأليهه وإلى معرفة ما يحبه ويرضيه وما يغضبه ويسخطه ، أي يوصله إلى معرفة الحلال والحرام، وشرع الله الذي ينبغي أن يتخذه منهجاً في حياته ، بل سيخضع الإنسان ذلك إلى هـواه وشهواته ، فيحل الشيء مرة إذا وافق من هواه ومصلحته ، وإن أضر الآخرين ، ويحـرمه إذا أضر به ولو كان فيه مصلحة للآخرين ، وهكذا يكون الأمر على مستوى المجتمعات والحكومات ، وهـا نحن نرى في واقعنا اليوم إذا قامت حكومة ما بإبادة طائفة من شعبها وكان للدول الكبرى المسيطرة على العالم رغبة في إبادة هذه الطائفة لخلاف معها سياسي أو ديني أو غيره ، وقفوا يتفرجون وقالوا : هذه شئون داخلية ، ولا بد من احترام الحكومات وعدم التدخل في شئونها ، أما إذا كانت لهم رغبة في هذه الطائفة المحاربة المضطهدة - لاتفاق بينهما سياسي أو ديني قام الجميع في وجه الحكومة وأجبروها على المهـادنة وترك القتـال باسم الحرية والديمقراطية .

هكذا قانون البشر وهكـذا عقل الإنسان ، وقـس على ذلك بقية الأمور السياسية والاقتـصادية والاجتماعية وغيرها من نواحي الحياة . فلن يقوم العدل والمساواة الحقة في الكون إلا إذا عرف الإنسـان خالقه ومعبوده الحق وسار على منهاجه الذي يأتيه عن طريق الوحي .

بذلك فقط يعرف من هو خالقه وما هي صفاته وما هي محابه ومساخطه وكيف يعبده ويتقرب غليه ، ويقيم العدل مع علاقته بالآخرين لعلمه أن هذا من محاب الله ، ويترفع عن الظلم لعلمه أن هذا يغضب الله .

هذه بعض الآيات القرآنية التي يعرفنا فيها الله فيها بنفسه وما يجب عليها تجاهه . يقول الله تعالى : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) (البقرة/21) وبعد أن عرفنا بأنه خالقنا وأنه لذلك المستحق للعبادة وحده ، ذكر لنا بعض مخلوقاته التي هي نعم كبـيرة علينا ، وهي آيات كونية عظيمة لا يستطيع أحد أن ينسب وجودها لغير الله تعالى فقال : ( الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون ) ( البقرة/22 ) .

ويقول كذلك : ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )

آيات بينات واضحات تعرفنا بربنا وخالقنا بيسر وسهولة لا تحتاج إلى إعمال فكر ولا دراسة منطق أو حساب ، وهكذا غيرها آيات كثيرة .

ثالثاً : إقامة العدل وتحقيق التوازن بين الروح والجسد :

فلا يطغى الاهتمام بجانب على آخر ، فإنه إن فعل ذلك أفسد دينه ودنياه ، ولا يكون هذا التوازن إلا بإتباع الوحي المنزل من عند الله سبحانه وتعالى ، ومن واقعنا نرى الكثير من دول العـالم اتخذت الدين وراءها ظهريا واهتمت بالجانب المادي وإشبـاع رغبات الجسد لأقصى حد ، وأصبح كل ما يفعله الناس ويقومون به من أعمال من أجل الدرهم والدينار ، ولا يتورع أن يقوم الإنسان بأي عمل من أجل الكسب ولو كان عملاً غير مشروع أو غير قانوني ، فانتشر الفسـاد ، وانتشرت الجريمة ، فمع ما وصلت إليه هذه المجتمعات من غنى وثراء ، إلا أن الفـرد يعيش فيها غير آمن على حياته وعرضه ؟ لذلك ذم القرآن هذا الصنف من الناس قال الله تعالى : ( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوىً لهم ) (محمد/11) .

وكثير من هؤلاء يعترفون بأنهم لم يحصلوا على السعادة الحقيقية بالرغم من إفراطهم في إشباع رغباتهم الجسدية - لما عند الكثير منهم من أمراض نفسية كالقلق وغيره - وصـدق الله إذ يقول : ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا...) ( طه/124 ) .

وفي الجانب الآخر نجد أن الإسـلام متمثلاً في نصوص الكتاب والسنة - قد ذم من أراد أن يهمل جانب الجسد واحتياجاته من طعام وشراب وزواج ، وكل أنواع المتعة المادية في حدود ما سمح به الشرع ، وحكم على ذلك بأنه غلو في الدين ، وخروج عن حدوده ،. قال تعالى ( وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها...) وقال الحافظ بن كثير في تفسير الآية : ( إلا ابتغاء رضوان الله ) : فيهقـولان : أحدهما: أنهم قصدوا بذلك رضوان الله ... والآخر : ما كتبنا عليهم ذلك إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله &;وقوله تعالى : ( فما رعوها حق رعايتها ) أي فما قاموا بما التزموا حق القيام ، وهذا ذم لهم من وجهـين - أحدهما : الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله ، والثاني : في عدم قيامهم بما التزموا مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل " .

وهذا هو المعهود من أهل الابتداع والتشدد والغلو في الدين أنهم لا يستطيعون الثبات على ما ابتدعوه وغلوا فيه؛ لأنهم يخالفون فطرة الله التي هي التوسط والاعتدال ، ومآل أمرهم غالباً أن يرجعوا إلى الوسط والاعتدال ، أو يتفلتوا من كل ما ألزموا به أنفسهم بل ومن كل ما ألزمهم به الشرع ، ويصبحون خارج دائرة التدين والالتزام ، وقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:[ لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقايـاهم في الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ] رواه أبو داود وأبو يعلى . وحديث الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته ، فلما أخبروا بها تقالوها أي : عـدوها قليلة عما كانوا يتصورون ؛ فقال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبداً وقال الثاني : وأنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال الثالث : وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما قالوا : قال لهم : [ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقـاكم له لكن أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ] رواه البخاري ومسلم وغيرهما .

وهكذا الدين _ والدين وحده _ هو الذي يحمل الإنسان على الموازنة بين متطلبات روحه وجسده ، بين الدين والدنيا بين العاجلة والآخرة .

رابعاً : اهتداء الإنسان إلى الغاية من وجوده

ألا وهي عبادة الله وحده لا شريك له ، وبذلك يعلم أنه لم يخلق عبثاً ولن يترك سدى ، فالله تعالى لم يخلق شيئاً إلا بالحق ، فالإنسان لم يخلق ليأكل ويشرب ويشبع شهواته وغرائزه فقط وإلا فما الفرق بينه حينئذٍ وبين الحيوانات البيهمية ، فقد كرّم الله الإنسان وفضّله على كثير ممن خلق تفضيلاً فأعطاه العقل الذي يدرك به الكون من حوله ويتفكر فيه وفي عظمة من أوجده ، وأرسل له الرسل ليؤكدوا له هذا المعنى ويزيدوا عليه وجوب توحيد الله في العبادة ، فإن الإنسان بفطرته - كما سبق - يتيقن بأن للكون رباً وخالقاً ، ولكن قد لا يهتدي لتوحيد الله بالعبادة بسبب موروثات الآباء والأجداد من العادات والتقاليد ، فيقع في الشرك ظاناً أن هذا هو الدين الصحيح ، كما عبّر القرآن عن قولهم هذا فقال : ( وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) ( الزخرف/23 ) .

فإذا استخدم الإنسان عقله مع ما رُكِز في فطرته واستجاب لدعوة الرسل اهتدى إلى عبادة الله وحده وأحس بقيمة وجوده في الحياة ، وأن له هدفاً يسعى إلى تحقيقه وهو رضى الله تعالى ، وذلك بتوحيده واتباع شريعته ، وأن يستخدم كل ما سخره الله له ، ووهبه إياه لتحقيق هذا الهدف المنشود وإلا فلو لم يهتد الإنسان للغاية التي خلق من أجلها ولو لم يكن له هدف يسعى إليه في هذه الحياة لأحس بالملل ولأصابه الأرق والقلق ، ولحاول الخروج من هذه الدنيا بأن ينتحر كما سمعنا وقرأنا عن كثير ممن يعيشون في البلاد الغنية ، التي يعتبر دخل الفرد فيها من أعلى المعدلات في العالم ومع ذلك يكثر فيهم التخلص من الوجود والحياة بالانتحار ، وليس ذلك إلا نتيجة للملل واليأس من الحياة التي يعيشها بدون هدف خاصة بعد أن يتمتع بكل ما عنده من شهوات ورغبات دون إشباع رغبة الروح ومتطلباتها .

فالذي يقوم بالغاية التي خلق من أجلها وهي عبادة الله فإنه يعمل طول حياته بدون ملل ولا سأم لأنه يعلم أنه يرضي خالقه وينتظر الجزاء يوم القيامة ، بل إنه يتمنى أن تطول به الحياة ، ويمتد به الأجل ، ليستكثر من الأعمال الصالحة التي تورثه السعادة في الدنيا والآخرة . قال الله تعالى : ( فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة عمى ، قال ربِ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) ( طه /123-127 ) .

خامساً: طمأنينة القلب ، وهدوء البال ، وراحة الضمير ،

إذا علم الإنسان أن كل شيء يجري في هذه الدنيا إنما هو بقدر الله وقضائه ، فإن من أركان الإيمان الإيمان بالقدر .

فإن من المعلوم أن دوام الحال للإنسان في هذه الدنيا من المحال ، وأن الإنسان إذا سره زمن ساءته أزمان فالإنسان لا ينـال كل ما يريده ، ولا يتحقق له كل ما بذل الجهد لتحقيقه ، ومن جانب آخر ، قد يعجز الإنسان عن دفع بعض الشرور والنوائب التي يتعرض لها ، وقد تنزل عليه فجأة دون علم سابق أو استعداد. فالمؤمن بقضاء الله وقدره لا يحزن على ما فاته من خير أراد أن يحصله ، ولا شر أو مصيبة وقعت به استنفد جهده في دفعها ، بل يعلم أن ذلك كله وقع بقدر الله تعالى ، فيرضى ويسلم أمره إلى الله لعلمه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطئه لم يكن ليصيبه ، ويصبر ويحتسب الأجر عند الله ويتذكر قول الله تعـالى:

( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسـير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور ) ( الحديد/22،3 2 ) .

وقوله تعالى : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم ) ا لتغابن/13 وقوله تعالى : ( ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) ( البقرة/155/ 157 ) .

فما أعظمها وما أجملها من كلمات يتفوه بها المؤمن إذا أصابه أمر جلل أو خطب عظيم ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) يذكر نفسه بأنه ملك لله وللمالك أن يتصرف في مملوكه كيف شاء وليس للمملوك إلا التسليـم والرضا والصبر ، هذا إذا أصابه شيء في نفسه أو ماله ، وإذا كانت المصيبة في ولده أو أقاربه بالموت قال : وإنا إليه راجعون ، يذكر نفسه بأنه وغيره والكل راجع إلى الله فعلى ماذا شدة الحزن والكآبة ولماذا اليـأس والقنوط من رحمة الله ؟ بل الصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله وقدره .

وهكذا الإيمان صبر ، واحتساب ، ورضا ، وطمأنينة ، وهدوء ، وراحة . أما الكفر فجزع ، وسخط ، ويأس، وقنوط ، وحيرة ، وهم ، وغم .

وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال : [ عجباً لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير ، ولس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر ، فكان خيراً له ؛ وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيراً له ] رواه مسلم وغيره .

منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
القرنفال الأحمر
الادارة العامة
الادارة العامة
القرنفال الأحمر


جنسيَ » : انثى
مشآرگاتيَ » : 11342
نقآطيَ » : 102530
تآريخ التسجيــل : 06/05/2008

الفرق بين الأيمان والعقيدة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفرق بين الأيمان والعقيدة    الفرق بين الأيمان والعقيدة  Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 23, 2010 5:26 pm

أحسنت أخي حروف
موضوع يجب الانتباه له
ودراسته
أشكرك وأقدر جهودك في نقل المعلومة إلينا
مودتي واحترامي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




الفرق بين الأيمان والعقيدة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفرق بين الأيمان والعقيدة    الفرق بين الأيمان والعقيدة  Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 23, 2010 8:11 pm

كل الشكر لك سيدتي على مرورك المميز

دمتي بحفظ الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
فارس بلا جواد
الادارة العامة
الادارة العامة
فارس بلا جواد


جنسيَ » : ذكر
مشآرگاتيَ » : 9823
عمريَ » : 55
نقآطيَ » : 100975
تآريخ التسجيــل : 02/06/2008

الفرق بين الأيمان والعقيدة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفرق بين الأيمان والعقيدة    الفرق بين الأيمان والعقيدة  Icon_minitimeالخميس نوفمبر 25, 2010 2:19 am

مشكوووووووووووووور حروف

خيو بدي غير اسمك لحروف تائهه

ابعثي رساله لان كثير عم يجي اسئله حول اسمك


منتظر ردك برساله



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://qisip.com/
زائر
زائر




الفرق بين الأيمان والعقيدة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفرق بين الأيمان والعقيدة    الفرق بين الأيمان والعقيدة  Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 26, 2010 4:48 am

ربي يكرمك ياغالي

والف شكرآ لمرورك ولتغير الاسم

مودتي وحبي لك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفرق بين الأيمان والعقيدة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفرق بين الدين و المِلة و النِحلة
» الفرق بين العاقل والمجنون
» الفرق بين المتزوج والخاطب
» الفرق بين الفيروس-و-البكتريا
» الفرق بين الفيلسوف والامي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جبـل العرب :: 
نفحات من الايمان
 :: أديان و معتقدات
-
انتقل الى: