عيسى عصفور أديب وشاعر اتسم بمصداقية التعامل وإنصاف من احتكموا للقضاء والعدل، جعلته روحه المعبأة بالوطنية في طليعة المعاونين مع زملائه من جيل الرواد الأوائل في بلادنا سوريا، وخاصة في جبل العرب بالسويداء، و تقتضْي الأمانة التنويه لأدبه الذي تجلى في صفحات الكتب والصحف والمجلات وأبحاثه الكثيرة وشعره الجميل. فهو من أهل الأدب والمعرفة وهو رجل مبدع يفيض عذوبة في الكتابة والشعر وهو من أذكى الرجال وأنقاهم فكراً ويداً.
وعيسى عصفور شاعر الفصيح وشاعر الشعر الشعبي وهو مترجم للكتب الفرنسية التي نافت عن ستين كتاباً.
فهو كاتب وشاعر ومترجم وباحث لغوي ومن المبدعين العرب في تعبيره عن القضايا العربية وتحقيق الذات القومية. ]كان مفهوم القومية والعروبة عند عيسى عصفور الأديب من الأمور التي نادى بها وسعى لها وعمل على تأصيلها ونشرها. واهتم بالموروث التاريخي المشرق للعرب سواءً أكان في الجاهلية أم في الإسلام وأهمية الدلالات، وتوظيف التراث الجيد في تلك الأبعاد والدلالات، مما عكس ذلك الاستشراق في التحليل الوافي للمستجدات فرفد المكتبات العربية بكتبه ومؤلفاته وترجماته عن الروسية كما ترجم عن الفرنسية كتاب "انتماء الديمقراطيات" لمؤلفه كلود جوليان وكتاب "الخروج من عصر التبذير" لمؤلفة دينيس غابور.
ولدى عيسى عصفور ميزة هامة أثناء الترجمة هي التأويل فهو عندما يترجم لنا كتاباً يلم به وبمضمونه ومحتواه، فلا ينقل نقلاً حرفياً بقدر ما يتفهم مراميه ومضامينه، ويصل به ذلك إلى حد التأويل، وقد قبض المترجم على روح النص فلا يذهب به الأمر إلى الانزياح والبعد عن المضمونْ بقدر ما يكون دقيقاً وفاهماً عارفاً وقد اجتمعت لديه ملكات ثلاث: هي صناعة الترجمة- وأخلاقية النقل، ومعرفية المثقف وحدس المعاينة بالنهاية، والنتيجة الايجابية الرائدة، ولهذا فهو عالم بالعربية، اللغة التي شربها المترجم بحكم الفطرة، ثم تميزت بالتعلم حتى غدت له ملكة وميزة.
وقد توفي عيسى عصفور بتاريخ 24/8/1992م تاركاً من مصادر المعرفة العلمية والفكرية رصيداً كبيراً.
لهذا قامت وزارة الثقافة بتكريمه في صالة المحافظة بالسويداء ما بين 8 ولغاية 9/6 حزيران 2008م في الساعة السادسة مساءً يوم الأحد.
افتتح الدكتور ثائر زين الدين حفل التكريم بالنشيد العربي السوري ، ثم رحب بالحضور، ونوه إلى مرحلة الحكم العثماني، والظروف التي عاشها الشعب العربي السوري في نضاله ودوره في هذه الحقبة ودور الأديب الشاعر عيسى عصفور في هذه الفترة أيضاً.
ثم ألقى الدكتور سعد القحطاني من السعودية كلمة وأشار فيها إلى بروز الأديب الشاعر في قرية أم "الرمّان" التي دافعت وناضلت من خلال الثورة العربية الكبرى في سورية والوطن العربي بقيادة سلطان باشا الأطرش عام 1925م.
كما ألقى الأستاذ إسماعيل الملحم رئيس فرع اتحاد الكتاب بالسويداء كلمة اتحاد الكتاب العرب في سورية. وقد تضمنت دور الأديب الشاعر عصفور التعليمي وجهده في تنشئة الجيل مندفعاً نحو تحقيق حلم الثقافة والتعليم والمستقبل ثم الاهتمام بالكتب التي نسجت عن الأديب الشاعر الراحل والمؤلفات العدة التي تركها وراءه، ومآثره الكبيرة ومنها كتاب "الشعر العامي في الجبل" ]ألقى الأستاذ رضوان رضوان ـ محافظ درعا سابقاً كلمة أشاد فيها بمناقب المكرم عيسى عصفور ودور قرية الراحل أم الرمان واستقبالها لقائد الثورة العربية الكبرى بالابتهاج والفرحة والنصر، ثم تحدث عما أنجزه الراحل في عملية التعليم الابتدائي والثانوي، ثم نيله إجازة الحقوق والعمل بسلك القضاء.
ثم ألقى محافظ السويداء المهندس علي منصورة كلمة نوّه فيها إلى أهمية الترجمة عند عيسى عصفور من اللغات الأخرى للعربية وخاصةً الفرنسية ومؤلفاته التي بلغت الستين في هذا المضمار، والتركيز على حوار الحضارات الذي كان يؤمن به الراحل من خلال الترجمات إلى العربية للفائدة منها، في التواصل الإنساني والثقافي والمعرفي ما بين العالم غربه وشرقه.
وفي نهاية الجلسة الافتتاحية ألقى ممثل الأسرة "القاضي ميشيل خوري" كلمة أشار فيها إلى دور الأديب عيسى عصفور وإنجازاته وأهمية نثره الجميل وشعره المتفرد. ]وبعد الاستراحة بدأت المحاور،
*المحور الأول: "عيسى عصفور ومواقفه الفكرية والسياسية والأدبية". ود.عبد الله أبو هيف و"عيسى عصفور في النقد الثقافي والأدبي" والأستاذ محمد حديفي، و"عيسى عصفور: نقاء السريرة وقدسية الانتماء". ثم الدكتور. أديب عقل و"الجانب الإنساني عند عيسى عصفور".