منذ البدء ومنذ وجــود الإنسان الأول على ظهــر البسيطة تتصارع أأفكاره وتتكوكب معارفه ناهدة إلى كشف ما يحيط بــه من وجــود وموجودات علوية وسفلية تشمخ بخيلاء وتضفي على الكون آية من الروعة والجمـــال ...
منذ البدء يبحث الإنسان بشوق ونهــم عن الحقائق لمعرفة الأسرار والخفايا الكامنة وراء الأمور الغامضة والمشاكل المبهمــة لإشباع غريزة التساؤل وحب المعرفة والطموح الفكـــري .. على ضرورة وجود مبدع عظيـــم ومنظـــم كبير .. قد أبدع بقدرته السامية كل ما يحيط بالإنسان ...
ولـــم يخفف من غلوائه مجهول مطلسم أو لغـــز مسحور فكان شعاره أن يحترق في ذاتــــه ليستمد منها وقوداً أزلياً يدفع به صُعـــداً إلى الأعلى فيتمثل الأمثل من خلال الممثول ويتجسد المعنى من خلال التبصـــر بالشكل ...
إذاً لا بــد لهذا الإنسان مهما بلغ من التقدم والرقي من الاعتراف بفضل هذا المبدِع والمصوِر عليه كونـــه عِلةً لوجوده ومسبباً لرقيـــِّه وشموخــه يتطلع دائماً وأبداً نحو موجده ...
لقد أدرك الإنسان إدراكا حقانياً أن مفتاح الكنوز المرصودة وسفينة المعرفة الحقة هي النفوس الإنسانية عندما تلتقي بالضياء العقلي والنور السرمدي ...
وهو كلما أحرز انتصاراً أو تقدم خطوة شعر بالحاجة الملحـــة إلى المزيــد إلى حيث لا تنتهي الحياة وتبقى الحرب مستمرة بين الإنسان والحقيقة ويظل الإنسان جندياً مغواراً لا يعرف التراجع ...
ومــا عتــم أن أخـــذ الإنسان يمــــد نشاطاته عبر الأكوان والموجودات ويحكم ربط الحلقات بعضهـــا مع بعض في سلسلة روحانية علمانية ...
فغاص في أعماق عالم النفس فتشعبت دروبـــه وتعددت وسائله بتعدد احتياجاته فإذا الطرق عديدة كثيرة ...
وتبقــــى الغايــة واحدة ... وهــي الوصـــول إلى جـــوهر الحقيـقـــــة ...
وهيهــــات أن تهـــب الحقيقة رأسها على طبق من فضـــــــــــــــــــة ...
أصل الإنسان وسر الوجود ص 18/19/20 بتصرف