موضوع: حلم رجل وراءه امرآة قديرة الخميس نوفمبر 12, 2009 3:38 pm
«بيوت كابادوكيا» حلم رجل وراءه إمرأة قديرة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] Related Nodes: 021101.jpg 021102.jpg 021103.jpg إبنة البراكين والفيضانات والزلازل أصبحت مصدراً واسعاً لأدهاش الزائرين
هل يستطيع شغف رجل واحد أن يغيّر واقعاً تراكم مئات السنين؟ نعم، إذا رافق الشغف عناد لا يتمتع به إلاّ أصحاب الأحلام الكبيرة مثل مهندس فرنسي متخرّج أيضاً من هارفرد، شارف الخمسين من عمره في أواخر ثمانينات القرن الماضي يدعى جاك أفيزو، أوصلته إحدى مواسم العطلة الى كابادوكيا مع عائلته.
في تلك الأثناء كان جاك يعيش أزمة شخصية مع زوجته ومع نفسه. لم يكن راضياً عن وضعه الخالي من التحدي والإثارة. كان يبني بيوتاً وشققاً وجسوراً في فرنسا ضمن المتطلبات المعمول بها، لكنه لم يكن يشعر باكتفاء ذاتي. ربما لأن وجهه الآخر وجه فنان يتوق الى الإبداع والابتكار والإضافة. في أوتشيسار، أحسّ جاك أفيزو بنداء غامض جرفه من جذوره بعدما رأى مجموعة خرائب متلاصقة واكتشف فيها طرازاً معمارياً مقنطراً على قدر متقدم من الذكاء والصلابة والجمال، أهمله الأهالي لاعتقادهم بأن الأسمنت المستجد يحلّ مشاكلهم بسرعة أكبر وتكاليف أقلّ، فانصرفوا الى بناء بيوت لا تاريخ لها ولا مميزات خاصة. في مطلع التسعينات أسس أفيزو شركة «سميراميس» للترميم الهندسي والاستثمار الفندقي. وواجه، كونه أجنبي الجنسية، جبالاً من الصعوبات البيروقراطية ذات الطراز العثماني المعروف لدينا، نحن ورثة السلطنة وبابها العالي. ليس هنا المكان المناسب لوصف معاناة الحالم الفرنسي في بلاد الأناضول إلاّ أنه يضع كتاباً عن تجربته في هذا المجال تكشف صفحاته الأولى مدى بلادة الأنظمة القديمة وعبثيتها حيال دينامية العصر، ما يعزز التساؤل القائم عن الوقت اللازم لتركيا القرن الحادي والعشرين كي تستكمل شروط انضمامها المحلوم الى الأسرة الأوروبية. يقول جاك أفيزو: «كان الحلم يستحق سنوات الانتظار. لكنني بدأت حياة جديدة في تركيا. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] تعرّفت الى البشر والحجر وأحببتهما وتعلمت ما يكفيني من اللغة للتواصل مع العمّال والحرفيين، وأسست لعلاقة عمل وصداقة مع أهالي بلدة ما كانت تتوقع أن يأتي شخص غريب ليبعث في أوصالها حنين العودة الى جذورها». في غضون السنوات العشر الفائتة أنهى أفيزو المرحلة الأولى من مشروعه، فرمم 16 بيتاً تضم 31 غرفة و 46 سريراً، وهو اليوم في خضم مرحلة ثانية لإنهاء ترميم بيت كبير ستتحول غرفه الى فندق صغير. في البداية اشتغل أفيزو مع حرفيي المنطقة بحسب توافرهم، لكنه انتهى الى تكوين فريق عمل قائم دائم يتقاضى أفراده رواتب ثابتة. أما المهمات الفندقية فلها فريق آخر يهتم بالغرف والبيوت وترتيب الرحلات والمآدب، على رأسه رفيقة دربه سيفيم طويل التي التحقت بالرجل والمشروع منذ ست سنوات، وحققت نجاحاً ملحوظاً على صعيد العلاقات العامة والعلاقات المباشرة مع العمّال والموظفين والأهالي كونها تتحدّث التركية إضافة الى الإنكليزية والفرنسية، فهي لبنانية تركية الأم وصلت الى كابادوكيا في ظروف مماثلة لظروف جاك. تقول سيفيم: «هناك مفهوم ملتبس حول المناخ في كابادوكيا. فالمصطافون الذين يتدفقون من دون وعي الى الشواطىء في الصيف يخيّل اليهم أن منطقتنا شديدة الحرارة. لكن يفوتهم أننا على ارتفاع 1300 متر عن سطح البحر وأن المناخ الجاف هنا يعني مساءات شديدة النعومة وصباحات مائلة الى برودة محببة. كما يفوتهم أن رياضات السير في الطبيعة وركوب الخيل والمناطيد أكثر تسلية من التملّح اليومي في أتون من الرطوبة والازدحام على الشواطىء». على هذا الأساس تمتلىء غرف «بيوت كابادوكيا» في الربيع والخريف ويؤمها عدد كبير من المثقفين والسينمائيين والرسامين. ويذكر جاك أنه جرى تصوير أفلام بالغة الأهمية في هذه المنطقة بينها «علاء الدين» وأحد أفلام جيمس بوند خصوصاً «إمبراطورية الذئاب» لجان رينو و»ميديا» من بطولة ماريا كالاس. كما يفخر ضاحكاً بصورة له مع الممثلة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] الأميركية شارلين ثيرون. «بيوت كابادوكيا» التي رممها وأهّلها للسكن جاك أفيزو أثارت فضول مجلاّت الهندسة وصحافة السياحة حول العالم. فما فعله في انتشال تلك البيوت من نسيان محتم لتصبح نماذج جمالية تجمع الإبداع الهندسي الى الأصالة العملية تحوّل عبر التفاعل الإعلامي وتوافد الزائرين الى «أسطورة» مليئة بقصص الحب والصداقة. في هذه البيوت يضع أفيزو مدافئ حجرية منحوتة باليد عمرها أكثر من قرنين وأبواباً خشبية قديمة ويستعمل الحجارة المصنوعة محلياً من تراب الأرض ويبذل قصارى جهده لتبقى الهندسة منضوية في محيطها الطبيعي فكأنها عادت الى الحياة في حلّة معاصرة، حدائقها مزدانة بالزهر وفناءاتها مليئة بالحجارة والأصص والمقاعد ذات البساطة الشعرية والذائقة الفرنسية المرهفة. كل هذا وأكثر يجعل الإقامة في واحد منها تجربة عصية على النسيان